للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
شيرين خالد، عضو في فريق الاتصال بمؤسسة قطر، تشارك وجهة نظرها في تلقّي لقاح كوفيد -19 كأحد أصعب القرارات التي سيتعين عليها اتخاذها على الإطلاق
منذ بداية جائحة كورونا (كوفيد -19)، كان هناك الكثير من النقاشات حول اللقاح المضاد، وظهرت العديد من الآراء حوله، سواء بين أفراد الأسرة الواحدة والأصدقاء، أم في البرامج الإخبارية، أم من خلال الندوات عبر الإنترنت والمناقشات العامة، وتتناول معظم وجهات النظر المتبادلة رأيين متناقضين. ألا وهما: الإقبال على اللقاح أو الإعراض عنه.
إنه أمر مفهوم، فمن حقنا كبشر أن نقرر ما هو الأفضل لنا ولعائلاتنا، ولكن هذه الجائحة قد جعلت الأمر صعبًا للطرفين على جانبي النقاش، حيث أن قرار كلّ فرد منّا يحمل مسؤولية اجتماعية، وسيؤثر في النهاية على مستقبل الآخرين، وهنا تكمن المعضلة الحقيقية.
شيرين خالد، عضو في فريق الاتصال.
في إحدى المناقشات الأخيرة التي كنت أستمع إليها، اقترح خبراء من مختلف أنحاء العالم أن الأشخاص الذين يعارضون أخذ اللقاح إما لديهم نقص في المعرفة حول كيفية عمله أو كيف سيؤثر على صحتهم العامة، أو يفتقرون إلى الثقة بالمؤسسات الطبية وأنظمة الرعاية الصحية.
وبعد الاستماع إلى هذه المناقشة، بدأتُ البحث عن سبب ردّ فعلي العفوي كلما صادفت هذا الموضوع الحاسم - وهو محاولة تجنب الدخول في مناقشة على الإطلاق، ورفض الانحياز لأي من الطرفين. من المؤكد أن الناس يتأثرون أكثر بتجاربهم وتحدياتهم الخاصة في الحياة، وفيما يتعلق بالرعاية الصحية والطب، كان لدي العديد من الملاحظات طوال حياتي والتي أثارت الكثير من الشكوك في ذهني، ما جعل قرار أخذ اللقاح قرارًا صعبًا بالنسبة لي.
فيما يتعلق بالرعاية الصحية والطب، كان لدي العديد من الملاحظات طوال حياتي والتي أثارت الكثير من الشكوك في ذهني
في لغتنا العربية الفصحى، نطلق على الطبيب اسم "الحكيم" وهو مفرد مشتق من الحكمة. ويعود هذا المسمى باللغة العربية إلى ما يدرسه الأطباء من معرفة هائلة وفهم عميق لكيفية عمل جسم الإنسان؛ وإدراكهم بأن الأمراض وأعراضها ترجع إلى خلل ما في الجسم، من الضروري أن يُعالَج مصدره وألا يتم معالجة أعراضه فحسب حتى يتم الشفاء . ولطالما اعتقدت أن الأطباء يُشبهون العلماء إلى حد ما، فهم يحللون مصدر المشكلة، ويتطلعون إلى تقديم حلول لمعالجتها . وهؤلاء الأطباء يمتلكون معرفة كبيرة وويتميزون أيضًا بالحكمة الشديدة على المستوى الحدسي.
ولكن للأسف، في خضم مشاهداتي هذه الأيام، لاحظت أنه عند شكوى المريض من عارض معيّن ولجوئه إلى المساعدة الطبية، فإن الروتين الشائع في كثير من الحالات هو قيام الطبيب بإجراء تحقيق سريع، وتشخيص المرض، وتصبح المهمة الرئيسية هي كتابة الوصفة الدوائية لهذا المريض. أما إجراء التشخيص المناسب لتعقب السبب الجذري للمرض، وتوعية المريض بشأن حالته، أو تقديم المشورة التي تتجاوز أعراض المرض فغالبًا ما يكون أمرًا إضافيًا يتم تجاهله في كثير من الأحيان. ويبدو أن العديد من المشكلات الصحية كان يمكن علاجها بشكل مختلف؛ من خلال مقاربة أفضل صحيًا ودون إرهاق الجسم بالأدوية التي تعالج الأعراض فقط.
توعية المريض بشأن حالته، أو تقديم المشورة التي تتجاوز أعراض المرض فغالبًا ما يكون أمرًا إضافيًا يتم تجاهله في كثير من الأحيان
مثل هذه التجارب التي خضتها في بعض الأحيان مع نظام الرعاية الصحية يتمخض عنها انطباعًا بأن الطبيب هو شخص يعالج الناس لكسب لقمة العيش، وأن صناعة الرعاية الصحية مثل أي قطاع آخر يقوم على الأرباح والخسائر. وينطبق الشيء نفسه على صناعة اللقاحات والعلاجات بأكملها مثل العلاج الكيميائي الذي يعتقد الكثير من الناس أنه يُستخدم في كثير من الحالات لتحقيق أرباح. ومن هنا تبدأ شكوكي الحقيقية.
على صعيد آخر، لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية من المخلصين لمهنتهم وعهودهم الطبية، ويخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين، وليس هناك دليل أفضل على ذلك مما شهدناه خلال جائحة (كوفيد -19) نفسها حيث نرى الطواقم الطبية وخطوط المواجهة الأمامية يصنعون المعجزات في كل يوم.
لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية من المخلصين لمهنتهم وعهودهم الطبية
ومع وضع كل هذا في الاعتبار، وقبل أن يصبح أخذ اللقاح حقيقة لا مفر منها في القريب العاجل، كنت أحاول معرفة المزيد حول مختلف لقاحات كوفيد -19 ولماذا قد تغير قواعد اللعبة في هذه الأزمة.
في محاولتها لمحاربة الخوف بالإيمان، تحاول شيرين أن تضع ثقتها في العلم، وألا تترك شكوكها تطغى على ما هو صحيح. مصدر الصورة: SewCream، عبر موقع Shutterstock
وفي موقف أجد فيه نفسي ممزقة بين الخوف والإيمان، أصبحت على وشك تغيير وجهة نظري، حيث لا سبيلاً آخر سوى أن أضع ثقتي في العلم، وألا أترك قناعاتي أو شكوكي الشخصية تطغى على ما هو صحيح.
أصبحت على وشك تغيير وجهة نظري، حيث لا أرى سبيلاً آخر سوى أن أضع ثقتي في العلم
في هذا الموقف غير المسبوق لنا جميعًا، أعتقد أننا بحاجة إلى توسيع آفاقنا العاطفية والعقلية، وأن نسعى للوصول إلى الحقيقة من خلال المعرفة؛ وأن نحاول مواجهة الموقف بقدر كبير من التواضع والوعي من أجل الصالح العام. لأننا في واقع الأمر وبغض النظر عن تأييدنا لأي جانب من النقاشات ووجهات النظر، فنحن جميعًا في ذات القارب، نواجه ذات المصير والمخاوف، وتجمعنا دعوة واحدة، ألا وهي الإنتهاء من تلك الأزمة.