إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | المجتمع
17 August 2020

مقال رأي: لا يمكننا تجاهل الوباء الصامت لعام 2020

مشاركة

الدكتورة آلاء مرابط

تتحدث الدكتورة آلاء مرابط، وهي واحدة من دعاة أهداف التنمية المستدامة العالمية، وإحدى المشاركات في سلسلة ندوات DearWorld# المباشرة التي نظمتها مناظرات الدوحة، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، حول قضية ازدياد حالات العنف ضد النساء مع انتشار كوفيد-19 وكيف يمكن للعالم مواجهة ذلك.

مع استمرار انتشار جائحة كوفيد-19 على مستوى العالم وارتفاع مخاطر اندلاع الموجة الثانية التي باتت وشيكة، تتزايد التقارير عن حالات العنف المنزلي وإساءة معاملة الأطفال في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى تفاقم جائحة صامتة تترتب عليها عواقب وخيمة: العنف ضد المرأة.

مع تركيز العاملين في مجال الرعاية الصحية على الحجم الهائل لأعداد المصابين بجائحة كوفيد-19، لم تحظ هؤلاء النساء اللواتي يعانين من العواقب الثانوية للجائحة بالاهتمام الكافي

الدكتورة آلاء مرابط

كان لإجراءات البقاء في المنزل، وتدابير الحجر الصحي، والقيود على التنقل التي تم اتخاذها في محاولة للحد من انتشار الجائحة، تأثيرًا ملحوظًا على النساء، حيث أُجبرت أولئك اللواتي يعانين من العنف الأسري على البقاء في المنزل مع من يسيئون إليهن، دون توفر خيارات أخرى أمامهم كالحصول على الدعم أو مأوى بديل.

تقول الدكتورة مرابط إن الأعراف الثقافية تلعب "دورًا كبيرًا" في عدم الإبلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي

ومع تركيز العاملين في مجال الرعاية الصحية على الحجم الهائل لأعداد المصابين بجائحة كوفيد-19، لم تحظ هؤلاء النساء اللواتي يعانين من العواقب الثانوية للجائحة بالاهتمام الكافي، مما أدى إلى زيادة المخاطر الصحية التي تواجههن.

وفقًا للأمم المتحدة، تتعرض حوالي 250 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم للعنف المنزلي سنويًا، ومعظمهن من ذوات البشرة الداكنة أو من الأقليات العرقية. ووفقًا للأمين العام للأمم المتحدة، فقد تضاعف عدد النساء اللاتي يتصلن بمراكز الدعم منذ بداية انتشار الوباء. منذ بدء تفشي المرض، أبلغت كل من فرنسا وسنغافورة والصين والأرجنتين عن زيادة في العنف القائم على النوع الاجتماعي. ومع ذلك، فإن العديد من البلدان لا تبلغ عن إحصاءات حوله، حيث تفتقر إلى التصنيف على أساس الحالة الاجتماعية والاقتصادية والعرق والسلالة.

تشكل النساء غالبية الوظائف التي تعتبر "أساسية"، مثل العمل في مجال الرعاية الصحية والبقالة والتوصيل. كما أنهن أكثر عرضة للعيش تحت خط الفقر أو الاعتماد على الدخل اليومي لإعالة أسرهن وإعالتهن

الدكتورة آلاء مرابط

على الرغم من ذلك، يتضح أنه قبل فترة طويلة من انتشار الجائحة، كانت غالبية النساء اللاتي يعانين من العنف، ينتمين للأقليات العرقية أو من ذوات البشرة الداكنة. في الولايات المتحدة، وهي واحدة من الدول القليلة التي تصنف هذا النوع من البيانات حسب العرق، فإن النساء من ذوات البشرة الداكنة أكثر عرضة بنسبة 35 في المائة لتجربة العنف القائم على النوع الاجتماعي مقارنة بذوات البشرة البيضاء، كما أن 81 في المائة من النساء الآسيويات يتعرضن للعنف داخل منازلهن.

من المرجح أن تتعرض النساء من ذوات البشرة غير البيضاء ونساء السكان الأصليين والمهاجرات، للعنف القائم على النوع الاجتماعي داخل مجتمعاتهن، مع وجود عشرات من الحالات غير المعلنة لهذا النوع من العنف لأن الغالبية منهن تفشل في طلب المساعدة. إن ضعف التعليم والفقر ونقص الموارد يجعل النساء يشعرن بالعجز، وهو ما يدفعهن في كثير من الأحيان، إلى قبول الإساءة وتحمّلها، كما تؤثر المعايير الثقافية على تصورات النساء لحقوقهن، وبالتالي تلعب دورًا كبيرًا في عدم الإبلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي من قبل النساء ذوات البشرة غير البيضاء. ترك شركائهن أو الحصول على الطلاق أمر منبوذ أو له عواقب مميتة في أسوأ الأحوال. وهذا يعني أنه يجب أن يكون هناك إصلاح اجتماعي حتى تتمكن المرأة من اتخاذ قرار النجاة من العنف.

تشكل النساء غالبية الوظائف التي تعتبر "أساسية"، مثل العمل في مجال الرعاية الصحية والبقالة والتوصيل. كما أنهن أكثر عرضة للعيش تحت خط الفقر أو الاعتماد على الدخل اليومي لإعالة أسرهن وإعالتهن. تصبح هذه الضغوط الاقتصادية ذات أهمية حاسمة في البلدان النامية، والبلدان التي تعيش في خضم صراعات، أو البلدان التي تواجه بالفعل أزمة إنسانية، حيث كانت النساء بالفعل عرضة للخطر. تصاعد العنف مثير للقلق، حتى أن منظمة الصحة العالمية خصصت قسمًا على موقعها الإلكتروني لأسئلة وأجوبة حول العنف ضد المرأة أثناء جائحة كوفيد-19، مما يبرز أن هذه المشكلة المتعلقة بالصحة تواجهها النساء عالميًا.

على الصعيد العالمي، يجب أن يتم الحديث عن العنف المنزلي كأزمة صحية عامة، ما سيسمح بمزيد من الوعي والمشاركة السياسية

الدكتورة آلاء مرابط

ومع ذلك، فإن هذا العنف لا يتعلق فقط بجائحة كوفيد-19، وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، تزيد الأوبئة من مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ على سبيل المثال، أثناء تفشي فيروس إيبولا، تعرضت النساء والأطفال لمعدلات أعلى من العنف الجنسي. وقد سلط التقرير نفسه الضوء على فجوات القدرات في البلدان التي تشهد مستويات أعلى من الصراع. اليوم، في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، لن يؤدي خطر جائحة كوفيد-19 إلا إلى تفاقم حالات العنف المنزلي الحالية وزيادة احتمالية فقدان الحياة على يد الشريك المنزلي.

في البداية، يجب على هذه الحكومات والمنظمات والمؤسسات الدولية تخصيص موارد وجهود محددة لمنع العنف المنزلي والتصدي له وإيجاد حلول خاصة بالجائحة، والتي يمكن تقديمها حتى في ذروة العزل الاجتماعي. في كندا، أطلقت مؤسسة النساء الكنديات إشارة "Signal for Help"، وذلك كنوع من أنواع الاستجابة لـكوفيد-19، وهي إشارة استغاثة للمساعدة عند التعرض للعنف بإيماءة بسيطة بيد واحدة يمكن لأي شخص استخدامها في مكالمة فيديو ويمكن أن تساعد الفرد في إظهار أنه بحاجة إلى المساعدة بصمت، والتعبير عن تعرضه للعنف بطريقة آمنة. تم الآن إطلاق الإشارة من قبل منظمات في دول حول العالم.

وفقًا للدكتورة مرابط، فإن كوفيد -19 لن يؤدي إلا إلى "تفاقم حالات العنف الأسري الموجودة"

في حين أن خطوات مثل هذه مطلوبة، تؤكد مؤسسة النساء الكنديات أن إشارة Signa for Helpهي أداة قد تساعد بعض الأفراد، ففي بعض الأحيان قد لا يملك البعض القدرة على إجراء مكالمات فيديو. وهذا يسلط الضوء على ضرورة الإجراءات الجماعية الخاضعة للمساءلة والفورية:

  • على الصعيد العالمي، يجب أن يتم الحديث عن العنف المنزلي كأزمة صحية عامة، ما سيسمح بمزيد من الوعي والمشاركة السياسية. من الضروري أن نخلق الوعي ونعزز الاستفادة من جميع منصاتنا، العامة والشخصية، لضمان أن يعرف الضحايا من وإلى أين يتجهون.

  • على الصعيد العالمي، يجب على الحكومات والقادة الاعلان عن تصاعد العنف المنزلي. ستتحمل النساء الآثار القصيرة والطويلة الأجل لجائحة كوفيد-19، ويجب على الحكومات تخصيص الموارد والخبرات والجهود الكافية لدعمهن.

  • يجب علينا دعم المنظمات المحلية، لا سيما في المجتمعات والبلدان الأكثر ضعفًا حول العالم. تتمتع منظمات خط المواجهة بأكبر قدر من الوصول والثقة المحلية. إنه جزء لا يتجزأ من دعمهم وتوفير الموارد لهم.

  • على المدى الطويل، يجب معالجة الفوارق في الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتعليم بين مختلف مجموعات النساء. لقد طال انتظار وجود المزيد من النساء من البشرة غير البيضاء في الأدوار القيادية ووضع السياسات، ويمكن القول أن ذلك سيؤدي إلى حلول أسرع وأكثر فعالية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.


دعونا نطلق على العنف المنزلي ما هو عليه: أزمة صحية عامة عالمية. يجب أن يثير تفاقم العنف المنزلي هذا قلقنا جميعًا. إنه الوباء الموازي الصامت لعام 2020. نحن بحاجة إلى الاستجابة له على هذا النحو.

  • الدكتورة آلاء مرابط طبيبة، تم اختيارها كواحدة من أفضل 20 شخصًا مؤثرًا في العالم في سياسة النوع الاجتماعي، وحاصلة على وسام صليب الاستحقاق الكندي للخدمة، ومناصرة لأهداف التنمية المستدامة العالمية، ومفوضة سامية للأمم المتحدة من أجل العمل الصحي والنمو الاقتصادي.

قصص ذات صلة