إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | البحوث
12 April 2021

لم أتمكن من إرضاع طفلي، لكنني ما زلت أمًا جيدة!

مشاركة

مصدر الصورة: Anukul، عبر موقع Shutterstock

رئيس قسم الطب النفسي والصحة النفسية للمرأة في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر، تؤكد أهمية المساندة للأمهات حيث إن هذه التجربة صعبة وقد تُنهك الأمّ

"حرصتُ قبل الولادة، على اقتناء مضخة الحليب لضمان حصول طفلي على الحليب الطبيعي عند ذهابي للعمل، وكي لا يضطر إلى تناول الحليب الصناعي، لكنني لم أكن أتوقع أن تلك المضخة ستتحول بعد الولادة، إلى أملي الوحيد لإرضاع طفلي بشكل طبيعي وذلك بعد أن فشلت كل الطرق الأخرى. كل يوم، كنت أحاول أن أضخ له الحليب لأكثر من 8 مرات، فلا أحصل إلا على بضع قطرات، فأغرق في تساؤلات محبطة:" هل أنا أم سيئة؟ لماذا لا يرغب طفلي بالحليب الطبيعي، لماذا يخذلني جسمي في لحظة أمومة انتظرتها كثيرًا؟

تتحدث أم جاسم، أم حديثة، عن التحديات والضغوطات النفسية والاجتماعية التي تعرضت لها نتيجة عدم قدرتها على إرضاع طفلها بشكل طبيعي، رغم محاولاتها المتكررة واتباعها للنصائح الإرشادية، وهو ما ترك أثرًا كبيرًا على صحتها النفسية.

تقول أم جاسم:" ككل أم، قبل الولادة، كنت متحمسة للغاية لإرضاع طفلي، لكن، في اللحظة التي وضعته على صدري، أصبت بصدمة حين اكتشفت أنني لا أعرف كيفية ذلك، حاولت الممرضة أن تعلمني كيف أقوم بذلك، وكدت أنجح حيث بدأ طفلي يحصل على اللبأ، لكنني فوجئت بسماع التعليقات من حولي:" طفلك لا يشبع، الحليب لا يكفيه، قدّمي له البديل الصناعي قبل أن تتدهور صحته"، لقد وجّهت أصابع الاتهام لي فتولّد لدي شعور بالذنب تجاه رضيعي".

الدكتورة فيليس وات

تغزو دعوات الأطباء إلى أهمية الرضاعة الطبيعية كل الأمكنة، سواء في توصيات الطبيب، الملصقات في المراكز الطبية، الحملات في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لفوائدها الجمة على صحة الطفل والأم، لكن، ماذا لو لم تتمكن بعض الأمهات من الرضاعة الطبيعية، هل سيحصلن على الدعم والمساندة أم أن الأحكام ستطلق عليهن حتى من أقرب الناس إليهنّ؟

تقول الدكتورة فيليس وات، رئيس قسم الطب النفسي والصحة النفسية للمرأة في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر:" إن توعية ورعاية ودعم الأمهات المرضعات هي مسؤولية فردية ومسؤولية الزوج والأسرة والمجتمع؛ ومع ذلك، فإن الأمهات اللواتي قد لا يستطعن ذلك يحتجن أيضًا إلى مثل هذا الدعم.

وتوضح الدكتورة وات:" على سبيل المثال من الأخطاء الشائعة، الاعتقاد بأن الأم لن تتمكن من الرضاعة لمجرد أنها لا تدر الحليب في الأيام الأولى للولادة، بل اللبأ، وهو الغذاء المباشر للطفل بعد الولادة قبل أن يبدأ الحليب الطبيعي بالتكون، كما يميل حديثو الولادة في الأيام القليلة الأولى إلى فقدان بعض الوزن في هذا الوقت وبسبب غياب الوعي، يتم إخبار الأم أنها لا تملك ما يكفي من الحليب، ما يدخلها في دوامة من الحزن والخيبة".

تؤكد أم جاسم أنها تلقت الكثير من الانتقادات التي عززت شعورها بالذنب، قائلة:" كانت تحاصرني عبارات مثل:" وزن ابنك منخفض، ابنك يبكي لأنه جائع، أنت لا تُغذّيه بشكل جيد لأنك لا تأكلين جيدًا، هل تريدين إنقاص وزنك على حساب صحة طفلك"، فأحاول، وبما قد يفوق قدرتي على التحمل، أن أستمر في تناول كميات كبيرة من الطعام، وتكثيف الزيارات إلى مستشاري الرضاعة".

تضيف:" في الأسبوع الأول، لم أحقق تقدمًا كبيرًا، وكانت تنهال عليّ الحلبة والحلاوة وغيرها من الأغذية من كل حدب وصوب، للاعتقاد بأنها تدر الحليب، ولكن لا نتيجة تذكر، سوى أنني كسبت وزنًا زائدًا في فترة قياسية".

وفقًا للدكتورة وات، لا تعد سوء التغذية عاملًا شائعًا لذلك، حيث إن النساء في البلدان التي تنتشر فيها معدلات عالية من سوء التغذية، يتمكنّ من إرضاع أطفالهن بشكل طبيعي. وفي الوقت نفسه، تؤكد وجود أسباب محتملة أخرى قد تكتشفها الأم من خلال طبيبها، فقد تكمن المشكلة في نقص الوعي ودعم الرضاعة الطبيعية، أو أن الطفل يواجه صعوبة في التعامل مع ذلك ونادرًا، لأسباب هرمونية، أو لجراحة سابقة في الثدي قد تكون الأم خضعت لها.

تقول أم جاسم:" بعد مرور الأسبوع الأول، قمت بزيارة مركز استشارة متخصص في التدريب على الرضاعة الطبيعية، وفعلًا، تعلمت الكثير، لكنني اصطدمت مرة أخرى، بنفاد صبر من حولي، واصرارهم على انتقادي، ما قلل من اندفاعي وثقتي بأن أنجح".

أدّت الضغوطات التي تعرضت إليها أم جاسم، إلى الدخول في حالة من الاكتئاب، والانزواء في غرفتها، وهو ما أدى بها في نهاية المطاف إلى الاستسلام والتوقف عن المحاولة، وبدأت بتقديم عبوة الحليب الصناعي لطفلها بانتظام، لكن، المفارقة أن ذلك لم يؤد إلا الى ارتفاع حدّة النقد.

تقول الدكتورة وات:" تعدّ تجربة الرضاعة الطبيعية في بعض الأحيان تجربة صعبة بالنسبة للأم الجديدة، والتي قد تكافح النوم المتقطع والعديد من المتطلبات الأخرى أثناء تعلم رعاية طفلها يمكن أن تصبح الأم منهكة حقًا، وبالتالي، كي تتمكن من الرضاعة الطبيعية، فهي لا تحتاج للتعليم والمشورة وحسب، بل تحتاج إلى دعم عملي وعاطفي من أسرتها".

وتضيف:" في الوقت الذي نُشجّع فيه الأمهات على الرضاعة الطبيعية، يجب أن نعمل أيضًا على توفير الدعم لهن، سواء كمؤسسات أو كأفراد، حيث تُضطر الأمهات العودة إلى العمل بعد أسابيع من الولادة، أو استئناف الدراسة. لا شك أن دولة قطر من الدول المتقدمة فيما يتعلق بإجازات الأمومة وتحديد ساعات عمل معينة، إلا أنه بالنسبة للعديد من النساء، لا تزال إجازة الأمومة قصيرة للغاية، وما تزال هناك قيود حول العمل وعدم توفر الدعم الكافي للموظفات".

صورة 1 من 3

وتتابع:" كل ذلك يجعل نسبة قليلة من الأمهات يستمرين في الرضاعة حتى ستة أشهر، على سبيل المثال، تظهر دراسة أجريت في قطر في العام 2017، أن 96.2من الأمهات بدأن الرضاعة الطبيعية في المستشفى، ولكن 24 في المائة منهن فقط استمرين بالرضاعة حتى فترة الستة أشهر ".

مع بلوغ طفلها عمر 5 أشهر، واعتماده على الحليب الصناعي بشكل كامل، لا تزال أم جاسم تواجه تحديات تتمثل في أحكام الآخرين عليها بسبب تقديمها لعبوة الحليب الصناعي لطفلها، حيث تقول:" في كل الأماكن التي أزورها، أسمع تعليقات من الآخرين مثل:" مسكين طفلك، هل امتنعتِ عن الرضاعة لخسارة الوزن وتفادي الترهلات؟ أنتِ لستِ أم مثالية.. وغيرها.."

وتختتم:" قد أكون واحدة من بين ملايين الأمهات اللواتي لم يتمكن من الرضاعة الطبيعية، وهو ما لا ذنب لنا به، لكننا ما زلنا أمهات حقيقيات، نعتني بأطفالنا ونخاف عليهم ونمنحهم الحب والأمان. إبني يتمتع بصحة جيدة وهو طفل سعيد لا يكف عن الضحك واللعب، وكل ذلك يكفي ليجعل مني أمًا فخورة، وأمًا جيدة".

قصص ذات صلة